فتاة ممزوجة بالملح والسكر.. أضافت من كل إحداهما داخل حروفها فشكلت أسطر تسمى همسات وجدانية

الأحد، 1 يوليو 2012

رحلتي مع " حينما كان للشوارع أسماء "




قبل أن أبدأ رحلتي من الدوحة إلى الأردن ، فكرت كثيراً في إختيار كتاب مناسب للقراءة ، في غرفتي الصغيرة هناك الكتب، تحديداً في دُرجي وخزانتي البيضاء احتفظ ببعض منها، هناك الروايات والقصص وربما بعض من تلك الكتب المجآنية التي توزع عند زيارتي لأحد المؤسسات أو المراكز العلمية والأندية الثقافية لترويجها، ولأن مدة السفر قصيرة فلابد أن أختار كتاب واحد مناسب للفترة الزمنية التي سوف أقضيها في عّمان، بإستطاعتي أخذ المزيد لكن لن اسمح لنفسي بقضاء إجازتي بين صفحات الكتب ، يكفيني  التأمل في كتآب واحد لأتشربه بتركيز وإدمان، فأنا أحب التنزه وأحب الحديث مع الناس وأحب النوم والشمس والسهر والشجر واللوز كذلك ، لابد أن أعطي لكل شيء حقه ، ولن أعطي حقاً لكني أحاول ، فقط أحاول ، فأنا لا أحب التعقيد كثيراً كما يعتقدني البعض أو ربما يظن بأنني صآحبة حاجبين مقطبين لأنني من الجيل المعاصر للواحد والعشرين.
كتابي كان عبارة عن رواية تدعى " حينما كان للشوارع أسماء " للكتابة والمحامية رندة عبدالفتاح، هي كاتبة فلسطينية لأم مصرية تقيم حالياً في استراليا، كتبت رواياتها وتم ترجمتها بواسطة نبيل نويرة وأميرة نويرة ، كما أختيرت الرواية كأفضل كتاب مميز من مجلس الأطفال باستراليا عام 2009 وحصلت على جائرة " جولدن انكيز" الاسترالية كذلك عام 2009.
تحتوي الرواية على 255 صفحة، بدأت قرائتها منذ اسبوعين من تاريخ اليوم 1/7/2012م ، كنت أحمل الرواية في حقيبتي الشخصية في كل مكان اذهب إليه ، لأنني لا أضمن سعادتي في كل زيارة اقوم فيا ، أو ربما اصادف من يعّكر لي مزاجي ، فيكون الحل الأنسب هو إخراج الرواية لإستكمال القراءة بصمت، لم أخجل من نفسي حينما كنت أحمل روايتي ، لأنني لست في بلدي الحاضن الذي ترعرت فيه ، هكذا نحن ، نأخذ رآحتنا عندما نسافر، لأننا نعلم بأن قليل من الناس سوف يلاحظون حركآتنا وتصرفاتنا ، وإن علقوّا على تصرفاتنا ، فإنهم لا يعرفوننا ولن نكترث كثيراً بالمقارنة مع من نعرفهم جيداً.
لا أعلم مدى صحة الرواية من حيث واقعيتها بكل تفاصيلها ، ربما كتبتها الكاتبة رندة عن حالها أو عن شخصية حقيقة أو ربما عاشت تلك الاجواء قليلاً واستنبطت الأحداث الدرامية بشكل دقيق من إحدى قصص الناس، لا يهمني كل تلك التفاصيل لكنها تبدوا لي حقيقية مئة بالمئة. شعرت بأنني كنت هناك مع أبطال القصة ، مع حياة وسامي وعائلتهما ، شعرت أيضاً بأنني أشاهد فيلماً ذو ساعتين في اسبوعين كاملين . القصة تحكي عن "حياة"  الفتاة الفلسطينية التي تبلغ من العمر 13 عاماً تعيش في بيت جالا في الضفة الغربية لكنهم اضطروا للعيش في رام الله بسبب الاحتلال، لقد فقدت أسرة حياة أرضهم ومنزلهم في بيت جالا، شجر الزيتون والليمون والبرتقال والتراب وكل ثمين ونفيس ، تعيش مغامراتها مع صديقها سامي المسيحي ، ويبدو واضحاً بأن علاقة الصداقة بينهما لا عنصريه فيها ولا حتي بين الأهل هناك، ففي فلسطين يتعامل المسلمون مع المسيحيون بكل أريحيه وشفافيه وذلك لأنهم أبناء وطن واحد لا مستعمر حاقد. تعيش حياة مع أبوها وأمها وستها زينت واختها الكبيرة جيهان واخوها طارق والصغير محمد. تبدأ مغامرتها مع صديقها سامي وتخوض معه مغامرة خطيرة لأجل الذهاب إلى القدس لكي تزور بيت جدتها زينب الذي احتله الاسرائليون، وهي تعتقد بأن مغامرتها هذه سوف ترد الروح والسعادة لقلب ستها زينب المتعبة والمرهقة بكبر السن وبأن حفنة من تراب بيت جدتها في القدس سوف تشفي مرض جدتها. الرواية كُتبت بطريقة مفصلة ودقيقة بالتفاصيل حتى بالأصوات والروائع والألوان ولم تغفل الكاتبة رندة عن إستخدام الطابع الكوميدي لترسم الضحكة على وجه القارئ بالرغم من الجانب المؤلم والمحزن في الرواية، في الحقيقة الرواية كلها حزينة إلا أنها وفقت حقاً في إخراج قهقتي من حنجرتي في أكثر اللحظات هدوءً ووحشة، حتى شعرت بأنني جننت، وقد يرآني البعض مجنونة لكني مؤمنة بأن الذي سيقرأ هذه الرواية سيصاب بعدوى الضحك والأمل والفرح ، الرواية واقعية في رسمها لكل الظروف التي تواجهها حياة وسامي وباقي أفراد الأسرة  قاسية، خاصة عندما يحاول أحد الفلسطينيين أو حتى ناشطي السلام من اليهود العبور نحو القدس، حينها لابد وأن ينتظروا كثيراً تحت إشراف الشمس بأشعتها الحارقة. تنتهي الرواية بأمل البقاء لا الإنسحاب والخزي، فأرض الوطن فلسطين ثمينة وتؤكد على ذلك في سؤال الست زينب قائلة: " هل هي ثمينة لأنها أخذت منا أو كانت ثمينة أولاً وقبل كل شيء؟ " وكما تقول الكاتبة في آخر فقرة من روايتها قائلة: " إن الماضي يمكن أن يعذب ويشفي على السواء. إنني سأفعل أكثر من مجرد البقاء. أننا جميعاً في النهاية لسنا سوى مخلوقات بشرية تضحك نفس الضحكة، وإن العالم يوماً ما سوف يدرك أننا ببساطة نريد أن نعيش كشعب حر، له أمل وكرامة وهدف ، هذا كل شيء". صفحة 253 من الرواية.






ليست هناك تعليقات: